من مقبل بن هادي الوادعي إلي أخيه في الله الشيخ العلامة ، والمؤرخ الفهامة ، الحبيب الكريم المفضال ، محمد بن علي الكوع حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بعد التحية :
فمراحباً بك وبرسالتك العزيزة ، ولقد طلب مني والله هذا المطلب غير واحد ، وأما طلهم ، وأعتذر لكثرة شواغلي ، وأيضاً لا أحب نشر ذلك ، ولكن الشيخ محمد ذلك الذي محادثته أحلي من العسل ، له مودة في قلبي ، لا أستطيع أن أعصي له أمراً .
فأنا من وادعة التي هي شرق صعدة من وادي دماج ، وقد وصفتم – حفظكم الله – وادي دماج في بعض تعليقاتكم أظنه علي " صفة جزيرة العرب " وبساتينه وأشجاره وخضرته بما فيه كفاية ، ولعل الله ييسر لكم زيارة طلبة العلم بدماج وترون إن شاء الله ما يسركم .
وأنا مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة الهمداني الوادعي الخلالي ، من فبيلة آل راشد . وشيباتنا يقولون : إن وادعة من بكيل ، وأنتم حفظكم الله أعرف بالأنساب مني ومنهم ،لآن هذا فنكم الذي لا ينافسكم منافس فيه من المعاصرين .
قبيلة وادعة :
وادعة في بلاد شتي من البلاد اليمنية ، وأكبرها فيما أعلم الساكنون بلواء صعدة فهم يسكنون بدماج شرقي صعدة ، وبصحوة في أعلي دماج تحت جبل براش . وبالدرب ، وآل حجاج ، والطلول بين شرقي صعدة وجنوبها. وبشمال صعدة الزور ، وآل نائل ، وآل رطاس ، والرزامات في وادي نشور . وبحاشد غربي الصنعانية ويسمون وادعة حاشد لأنهم يسكنون في بلاد حاشد حتى قال
بعضهم :
ياواعة في وسط حاشد * إيش أمنش يا بكيلية
قال : أمنتنا بنادقنا * ضرب الزمر والفرنجية
ووادعة في نجران في أعلي وادي نجران ، ووادعة في ظهران الجنوب .وفي عام من الأعوام مر جمع من قبائلنا بمركز ( القرارة ) شمال مدينة ظهران المركز السعودي ، فلما سلموا جوازاتهم للمسئولين هنالك ونادوا بأسمائهم ،
قالوا : من كان وادعياً فليكن علي جنب . فتميز قبائلنا علي جنب ، وقالوا في أنفسهم : ماذا يريد هؤلاء منا ؟! فلما انتهوا بالنداء بالأسماء صافحهم الجنود هنالك ، وقالوا : نحن من وادعة ظهران ولابد من ضيافتكم ، فوعدهم أصحابنا عند الرجوع من الحج إن شاء الله ، وعند رجوعهم مروا بهم فأضافوهم وأكرموهم غاية الإكرام ، وكانوا بالأشةاق إلي التعرف علي وادعة صعدة فهي تعتبر الأم .
وقبائل وادعة كغيرهم من القبائل اليمنية التي لم تؤت حقها من التوعية الدينية ، وفيهم مجموعة طيبة قدر أربعين شاباً ملازمين للدروس سنذكر بعضهم إن شاء الله في جملة الطلاب .
وأني أحمد الله ، فغالب وادعة الذين هم بجوار صعدة يدافع عني وعن الدعوة بعضهم بدافع الدين ، وبعضهم بدافع التعصب القبلي ، ولولا الله ثم هم لما أبقي لنا أعداء الدعوة خصوصاً شيعة صعدة عيناً ولا أثراً .
وأذكر لهم مواقف أسأل الله أن يثيبهم عليها ويجزيهم خيراً :
منها : مضاربة شديدة في جامع الهادي ، بسبب صدي عن الدعوة فيه ، قيام معي رجال القبائل من وادعة وغيرهم حتى أنقذني الله علي أيديهم ، وكان الشيعة يريدون القضاء علي ، وكان ذلك في زمن الرئيس ( إبراهيم الحمدي ) وأهل الشر من شيوعيين وشيعة رافعون رءوسهم، فسجنونا مع بعض الطرف الآخر قدر أحد عشر يوماً في رمضان فكان يزورني في السجن في بعض الليالي قدر خمسين شاباً ، ويدخل إلي المسئولين في بعض الليالي قدر مائه وخمسين رجلاً من وادعة حتى أزعجوا المسئولين ، وأخرجونا من السجن ، والحمد لله .
ومنها : أن أعداء الدعوة ربما يأتون بالسلاح إلي دماج فيطردهم أهل دماج وهم صاغرون .
ومنها : الرحلات ، فإذا قلت : نريد رحلة . تنافسوا حفظهم الله في رفقتي والمحافظة علي فربما نخرج في بعض الرحلات في قدر خمس عشر سيارة .
وفي هذه الأيام الدعوة ماشية علي أحسن ما يرام لأني بحمد الله قد كبرت ، ولعلي أبلغ من العمر نحو اثنتين وستين سنة ، فالتجارب ونصائح محبي الدعوة تدفعاني علي الرفق وعدم مجاراة الأعداء الذين ليس لهم إلا السباب والشتائم )خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجهلين( ، )سلم عليكم لا نبتغي الجهلين( .
وأيضاً الشغل بالتعليم والتأليف والدعوة لم يبق لي وقتاً لمجاراة أولئك ، فليقولوا ما شاءوا فذنوبي كثيرة عسي أن يخفوا عني ويحملوا من أوزاري ، ولله در من
قال :
ما سلم الله من بريته * ولا نبي الهدي فكيف أنا