[size=24]
رعاية حق الزوجية في
الحياة وبعد الممات
عن عائشة رضي الله عنها
قالت : ( ما عرفت علي أحمد من نساء النبي r ما عرفت عن خديجة وما رأيتها ، وكن
كان علي النبي r يكثر ذكرها ، وربما ذبح الشاة ثم
يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة ، فربما قلت له :كأنه لم يكن في الدنيا
امرأة إلا خديجة ؟ فيقول : أنهما كانت وكانت ، وكان لي منها ولد ) ( رواه
البخاري " 7/ 133" ) .
من فوائد الحديث :
(1) في الحديث بيان ما كان عليه النبي
r من كريم الخصال ، وعظيم الصفات ، من
حسن العهد ، وحفظ الود ، والحلم ، وحسن المعاشرة ، ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر
حياً وميتاً ، وإكرام معارف ذلك الصاحب .
(2) وفيه فضل خديجة وعظيم قدرها عند رسول
الله rومحبنه لها.
(3) وفيه أن ينبغي للزوج أن يحفظ لزوجه
المودة والتقدير حياً وميتاً ، اقتداء برسول اللهr وهو القائل : ( خيركم خيركم لأهله ،
وأنا خيركم لأهلي ) .
(4) وفيه ثبوت الغيرة ، وانها
مستنكر وقوعها من فاضلات النساء ، فضلاً عمن دونهن ، قال الطبري وغيره من العلماء :
( الغيرة مسامح للنساء فيها ، ولا عقوبة عليهن في تلك الحالة ، لما جلبن عليه منها
) ، ولكني ينبغي أن لا تتجاوز المرأة بغيرتها تلك المحارم الي ما حرم الله عز وجل ،
ورسوله r .
(5) فيه أن من أحب أحدا أحب محبوباته ،
وما يتعلق به .
(6) فيه تنبيه علي خطأ ما يفعله بعض
الناس من أن الواحد منهن إذا تزوج ثانية نسي فضائل الأولي وعشرتها له .
(7) علي الزوجة أن تسعي جاهدة لكسب ود
زوجها والتحبب إليه بحسن المعاملة وطيب المعاشرة ، فالمرأة المحبوبة هي التي تعطي
الرجل ما نقص من معاني الحياة ، وتلد له المسرات من عواطفها كما تلد من أحشائها ،
فالمرأة وحدها هي التي تستطيع ايجاد الجو الانساني لزوجها ، فمن النساء من تدخل
الدار فتجعلها روضة ناضرة متروحة باسمة ، مهما كانت مصاعب حياتهما ، ومن النساء من
تدخل الدار فتجعلها مثل الصحراء برمالها وقيظها وعواصفها ، ومن النساء من تجعل
الدار لزوجها هي القبر !
أعلىالرفق بالمرأة
واستجلاب مودتها
عن عائشة زوج النبي
r قالت : دخل الحبشة المسجد يلعبون ،
فقال لي : ( يا حميراء ، أتحبين أن تنظري إليهم ؟ ) فقالت : نعم ، فقام بالباب ،
وجئته فوضعت ذقني علي عاتقه ، فاسندت وجهي إلي خده ، قالت : ومن قولهم يومئذ أبا
القاسم طيباً ، فقال رسول الله r : ( حسبك ) ، فقلت : لا تعجل يا
رسول الله ، قالت وما لي حب النظر اليهم ، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ،
ومكاني معه ) ( رواه النسائي في عشرة النساء " رقم 65 " ) وصححه الحافظ في الفتح
(2/444) وتابعه الشيخ الألباني في آداب الزفاف (ص 272 ) . واصل الحديث في الصحيحين
) .
من فوائد
الحديث :
(1) في الحديث بيان أهمية الرفق
بالمرأة واستجلاب مودتها .
(2) فيه مشروعية التوسعة علي
العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم به بسط النفس وترويح البدن ، وذلك ضمن
ما أحله الله وأباحه ، حيث أن الواقعة المذكورة كانت في يوم عيد .
(3) فيه أن إظهار السرور في
الأعياد من شعار الدين .
(4) فيه بيان ما كان عليه رسول
الله r من الرأفة والرحمة وحسن الخلق
والمعاشرة بالمعروف مع الأهل والأزواج وغيرهم ، وينبغي للازواج أن يتحلوا بهذه
الصفات .
(5) فيه بيان فضل عائشة ، وعظيم
قدرها عند النبي r ، ومحبته لها ، ولذلك لما سئل عليه
الصلاة والسلام من أحب الناس إليك ؟ قال : ( عائشة ) ( رواه البخاري ومسلم ) .
(6) من دواعي اللطف في المعاملة
نداء الشخص باسم يحبه ، أو توقع أنه يحبه وخصوصاً أسماء التدليل ، وذلك في الخطاب
والتعامل بين الزوجين ، فذلك من شأنه أن يزيد من مشاعر الود والتقدير ، لذلك فقد
نادي رسول الله rعائشة بقوله : ( يا حميراء ) وهذا
تصغير
( حمراء ) ويريد البيضاء ، وكان يناديها باسم الترخيم الذي يدل علي
التقرب والمودة فربما قال لها :
( يا عائش هذا جبريل
يقرئك
السلام ) (
متفق عليه ) .
أعلىالتجاوز عن الاخطاء
في الحياة ازوجية
عن أم سلمة أنها أتت
بطعام في صحفة الي رسول الله ، r ، وأصحابه ، فجائت عاتشة متزودة
بكساء ومعها فهر ( حجر ناعم صلب ) ففلقت به الصفحة ، فجمع النبي r بين فلقتي الصفحة ،
ويقول : كلوا ، غارت أمكم ، مرتين ، ثم أخذ رسول الله r صفحة عاتشة فبعث بها إلي أم سلمة
وأعطي صفحة أم سلمة عائشة ) ( رواه البخاري " 5/124 " ) والنسائي " 7/70 "
واللفظ له ) .
من
وفوائد الحديث :
(1) في الحديث بيان حسن خلقه
r وإنصافه وحلمه .
(2) حسن تصرفه عليه الصلاة
والسلام وحله لهذا الموقف طريقة مقنعة ، معللاً هذا الخطأ من عائشة رضي الله عنها
بقوله : ( غارت أمكم ) إعتذار منه r لعائشة ، لألا يحمل صنيعها علي ما
يذم ، بل يجري علي عادة الضرائر من الغيرة فإنها مركبة في النفس بحيث لا يقدر علي
دفعها .
(3) لم يؤدب النبي
r عائشة رضي الله عنها وقد غارت فكسرت
الإناء ، لأن أم مسلمة رضي الله عنها هي التي اتبدأت ، حيث بعث
للرسولr الطعام وهو في بيت عائشة ، وهذا
نوع من التجاوز عليها ، ولذا أقتصر الرسول r علي تغريمها الإناء ، ولم يغرمها
الطعام لأنه مهدي ، وفي بعض الروايات أنه r غرمها الطعام أيضاً حيث قال : (
إناء كإناء ، وطعام كطعام ) .
(4) بمثل هذه الحكمة وهذا الحلم
يمكن للزوج أن يتجاوز الكثير من العقبات في حياته الزوجية ، فالمطلوب حسن التصرف مع
الحكمة ، والحلم وعدم العجلة ، وهنا إيماء للذين وفقهم الله وأنعم عليهم بالتعدد أن
ينهجوا منهج رسول الله r في العدل والانصاف وحسن الخلق ،
ليتجنبوا ( مخططات ) نسائهم وكيدهن وغيرتهن ، وليسلموا ايضاً من الميل الي واحدة
دون الاخري وفي ذلك – أي الميل _ جاء الوعيد الشديد والتهديد الأكيد حيث صح عن رسول
الله r أنه قال : ( من كانت له امرأتان
فمال إلي إحداهما ، جاء يوم القيامة وشقه مائل ) ( رواه أبو داود والترمزي
والنسائي ) .
أعلى العناية بالمشاعر
بين الزوجين
عن عائشة رضي الله عنها
قالت : قال لي رسول الله r : ( أني لأعلم إذا كنت عني راضي ،
وإذا كنت علي غضبي ، قالت : قلت : من أين تعرف ذلك ؟ فقال : أما إذا كنت عني راضية
فإنك تقولين لا ورب محمد ، وإذا كنت غضبي قلت : لا ورب إبراهيم ، قالت : قلت أجل
والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك ) . ( رواه البخاري " 9/325 " " 10/497 " ،
ومسلم " 2439 " ).
من فوائد
الحديث :
(1) اذا استقر الزوجان حال كل
منهما ، وعرف كل منهما ما يغضب الاخر وما يرضيه وأسباب كل ذلك ، فقد تمكنا – بإذن
الله – من توطيد اسس العلاقة الزوجية والسير بها في الدروب الآمنة ، المفروشة
بالورود والرياحين ، وأمكنهما أيضاً تجنب أسرتها مسالك العسر ومواضع الزلل والنكد ،
ونلحظ في هذا الحديث دقة عناية الرسول بمشاعر r عاتشة وانطباعاتها حتي صار يعلم
رضاها وغضبها من مجرد كلامها وحلفها .
(2)
قد
يقع بين الزوجين نوع من الاختلاف ، ولكن ينبغي إن وجد هجر بينهما أن لا يكون مجحفاً
، بل بالقدر المشروع ، بحيث لا يتجاوز الكلام وبسط الوجه ، حتي الزوجة الناشز شرع
الله – بعد وعظها – هجرها في المضجع والفراش وليس عن المضجع والفراش ، ولقد احسن
الشاعر حين قال :
أني لانمحنك الصدود وإنني
قسماً إليك مع الصدود لأميل
(3) اغتفر لعائشة – رضي الله
عنها – غضبها علي رسول الله r - إذ لا يجوز لأحد أن يغضب عليه _
لأن ذلك كان بدافع الغيرة ، والغيرة دليل المحبة ، ومع ذلك فإنها لم تبتعد أو تشطط
كثيراً في غضبها ، فقد أختارت ذكر إبراهيم – عليه السلام – من بين سائر الأنبياء في
قسمها ، حيث قالت : ( ورب إبراهيم ) لأن نبينا r أولي الناس به ، فهي لم تخرج عن
التعلق به r في الجملة ، وهكذت ينبغي لكل من
الزوجين ، بحيث يكون في غضبه مقارباً غير مجحف .
(4) يقع من بعض المسلمين الحلف
بغير الله ، وهذا محرم وهو من الشرك الأصغر حتي ولو كان المحلوف به عظيماً كالنبي
r أو الكعبة ونحوها ، قال رسول الله
r : ( فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو
ليصمت ) ( متفق عليه ) ، وصح عنه أيضاً : ( من حلف بالأمانة فليس منا ) ( رواه
أبو داود وغره ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) (
رواه الإمام أحمد بسند صحيح ) .
أعلىما يباح من الطرب
ليلة الزفاف
عن عائشة -رضي الله عنها
– أن النبي r قال : ( ما فعلت فلانة ؟ - ليتيمة
كانت عندها - فقلت : أهدينا إلي زوجها ، قال : فهل بعثتم معها بجارية تضرب بالدف
وتغني ؟ قالت : تقول ماذا ؟ قال : تقول :
أتيناكم أتيناكم فحيونا
نحييكم
ولولا
الذهب الأحمر لما حلت بواديكم
ولولا
الحبة السوداء ما سمنت عذاريكم
( اخرجه الطبراني في
الاوسط ، وله طرق دون البيتين الاخيرين عند ابي ماجة " 1900 " ، والبيهقي " 7/289
" ، وأحمد " 3/391 " ، وحسنة الالباني بمجموع طرقة – انظر وراء الغليل " 1995 "
، وأصل الحديث عند البخاري رحمه الله " 9/255 " ) .
من فوائد
الحديث :
* في هذا الحديث دليل
علي اباحة ضر الدف ليلة العرس ، ومما يدل علي ذلك قول النبي r : ( فصل ما بين الحلال
والحرام : الدف والصوت والنكاح ) ( رواه الترمذي وغيره ) .
وهنا
بعض الوقفات حول هذه القضية لأهميتها :
(1) لابد وان يكون المضروب هو
الدف ، وهو إطار مستدير يوضع علي احدي جهتيه جلد او نحوه ويكون مفتوحاً من الجهة
الاخري ، اما بقية الادوات والالات الموسيقية فلا يجوز استخدامها ، لأنه لم يأت بنص
من الشارع بإباحتها فهي باقية علي اصل التحريم في قوله r : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون
الحر والحرير والخمر والمعازف .. الحديث ) ( وهو حديث صحيح ) ووجه الدلالة منه :
أن المعاوف هي ألات اللهو كلها ، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك ، ولو كانت حلالاً
لما ذمهم علي استحلالها ، ولما قرن استحلالها باستحلال اخمر والزنا ) ، وأدلة
تحريم الغناء ، والالات الموسيقية كثيرة ليس هذا محل بسطها.
(2) يلزم أن يكون الكلام المنشد
أو المغني به خالياً من الميوعة والفحش والكلمات المثيرة ، ونحو ذلك ، بل يقتصر علي
محاسن الكلام واطايب الاشعار .
(3) أن لا يصل صوت النساء ، أو
المنشدات الي الرجال ، فلا تستعمل مكبرات الصوت ونحوها ، ولا يكون مكان النساء
قريباً من الرجال في تلك الحال .
(4) أن لا يستغرق ضرب الدف وقتاً
طويلاً ، وأن لا يكون سبباً في السهر وفوات صلاة الفجر ، وأن لا تبعثر الأموال
بالإنفاق عليه أو علي ضاربات الدف ، كما هو الحال الأغلب في الأعراس. قال الشيخ
صالح بن غانم السدلان الاستاذ في كلية الشريعة بالرياض :
( ولا باس بضرب الدف عند
النكاح ، إظهار للفرح وإشاعة للسرور ، إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع ، أما
الشروط :
أ – أن يكون ضرب الدف
ضرباً خفيفاً لا إزعاج فيه .
ب – أن يتولي ذلك النساء
لا الرجال ، قال شيخ الاسلام ابن تيمية – رحمه الله - ( ... ولما كان الضرب بالدف
والتصفيق بالكق من عمل النساء ، كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال المغنيين
مخانيثاً ، وهذا مشهور في كلامهم .
ج – أن يكون الضرب بدف لا
جلاجل فيه ، ويحرم كل ملهاة سواه ، كمزمار وناي ورباب وعود وطنبور وقانون وكمان
وقضيب وبوق ، وكل الالات الموسيقية الحديثة ، الضرب بها وسماعها حرام لدي جمهور أهل
العلم .
أما الموانع
: فهي
انتفاء المفسدة ، وأن لا يختلط الرجال بالنساء .
أما ما تشاهده اليوم من
التوسع في ضرب الدفوف وعلانها للناس بمكبرات الصوت ، وقضاء الليل في تلحين الأغاني
علي الايقاعات الموسيقية المثيرة ، والاناشيط الهابطة الخليعة فلا يجوز بحال من
الاحوال ، وينشأ بسببه مفاسد لا تحمد عقباها .
يقول الحافظ ابن رجب في (
نزهة السماع ) : ( انما كانت دفوفهم نحو الغرابيل ، وانشادهم وغنائهم بأشعار
الجاهلية في أيام حروبهم ، وما أشبه ذلك ، فمن قاس ذلك علي سماع الغزل مع الدفوف
المصلصلة فقد أخطأ غاية الخطأ ، وقاس مع ظهور الفرق بين الفرع والأصل ) .
ويقول العز بن عبد السلام
: ( أما العود والالات المعروفة ذوات الاوتار ، كالربابة والقانون فالمشهور من
المذاهب الاربعة أن الضرب به وسماعه حرام ).
وقال بان قدامة في (
المغني ) : ( وأما الضرب - أي الدف – للرجال فمكروه علي كل حال ، انما كان يضرب به
النساء ، ففي ضرب الرجال به تشبه بالنساء ، وقد لعن رسول الله r المتشبهين من الرجال
بالنساء ) .
ويقول الحافظ ابن حجر
رحمه الله : ( والأصل التنزه عن اللعب واللهو ، فيقتصر علي ما ورد فيه النص ، وقتاً
وكيفية تقليلاً لمخالفة الأصل ) . أ هـ
أخيراً في مسألة رقص
النساء في الأعراس والحفلات ، وأعني الرقص الذي يكون بين النساء فحسب ، دون أن يكون
للرجال ، أو الصبيان البالغين اطلاع عليه ، الرقص في هذه الحالة فيه عدة محاذير
منها :
(1) أن بعضاً من النساء
عندما ترقص تكشف عما لا يجوز كشفه ، وذلك بلبس الملابس الفاضحة ، سواء منها
المفتوحة من اسفل او من أعلي أو القصيرة الشفافة أو الضيقة ، فحكم الرقص في هذه
الحال محرم والنظر اليه من قبل النساء الاخريات محرم ايضاً ، والدليل علي ذلك ما
ثبت في الحديث الصحيح عن ابي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن رسول الله قال : ( لا
نظر الرجل إلي عورة الرجل ، ولا المرأة إلي عورة المرأة ، ولا يفضي الرجل إلي
الرجل في الثوب الواحد ، ولا تفضي المرأة إلي المرأة في الثوب الواحد ) ( رواه
الامام مسلم ) ، قال الامام النووي : ( فيه تحريم نظر الرحل إلي عورة الرجل
والمرأة إلي عورة المرأة ، وهذا لا خلاف فيه ... ) .
(2) أن بعض من النساء
تقوم بتقليد الراقصات العاهرات من الكافرات وغيرهن في طريقة رقصها ، لتأجيج الشهوات
واستثارة الغرائز ، وذلك داخل تحت قوله r : ( من تشهبه بقوم
فهو منهم ) ( رواه ابو داود ) ، وهو من التعاون علي الإثم والعدوان وقد قال الله
تعالي : ( ولا تعاونا علي الإثم والعدوان ) ( المائدة : 2 ) ، وحكم الرقص النظر
اليه في هذه الحالة محرم أيضاً .
(3) زيادة علي ذلك فإن
بعض النساء تتعرض للاصابة بالعين حال رقصها وعرض مفاتنها وتثنيها بين النساء ، وذلك
لتعلق قلوب بعض النساء بشيء يعجبهن في تلك الحالة وينسين التبريك عليها وذكر الله
فيصيبنها بالعين أو النظرة حينئذ ، وقد قال رسول الله r: ( العين حق ، ولو كان شيء سابق
القدر سبقته العين ... ) ( رواه مسلم ) ، وقال رسول الله r : ( أكثر من يموت بعد قضاء الله
وقدره بالنفس ) قال الراوي : يعني بالعين ، إذن فالمسلمة في غني عن التعرض لهذه
المشكلات ولن تحصل مقابلها إلا قول النساء الاخريات : رقص فلانة حسن ، ورقص علانة
سيء !!
هذا علاوة علي احتمال
وجود كاميرات التصوير المخفية او الظاهرة ، وهذا فيه من الشرور والمفاسد مالا يعلمه
إلا الله ، وتحريم ذلك واضح بين .
فالذي يجدر بالمسلمة
العاقلة ، ان تتنزه عن التعرض لهذه المحذورات متذكرة سوء عاقبة التمادي أو التساهل
بها .
أعلىتحذير الزوجين
وغيرهما من الغيبة ونقلها
عن عائشة -رضي الله عنها
– قالت : قلت للنبي r: حسبك من صفية كذا وكذا – قال بعض
الرواة : تعني قصيرة - ، فقال : لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ! ) ، قالت
: وحكيت له إنساناً ، فقال : ما أحب أني حكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا ) . ( رواه
الامام أحمد " 6/189 " ، وابو داود
" 4875 " ، والترمذي " 2637 " وصححه
الألباني ) .
من فوائد
الحديث :
(1) في الحديث دليل علي تحريم
الغيبة ، وقد عدها العلماء من كبائر الذنوب قال الله تعالي : ( ولا يتغتب بعضكم
بعضاً ، أيحب أحدكم أن يأكل لحكم أخيه ميتأً فكرهتموه ) ( الحجرات 12 ) ، وقال
رسول الله r : ( الربا إثنان وسبعون بابا ً ،
أدناه مثل أتيان الرجل أمه ، وأن أربي الربا استطالة الرجل في عرض أخيه ) ( رواه
الطبراني وصححه الالباني ) . وقال رسول الله r : ( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظافر
من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء الذين
يأكلون لحوم الناس ويقعون في أراضهم ) رواه ابو داود .
(2) لقد بين رسول الله
r لعائشة في هذا الحديث خطورة الكلمة
التي قالتها ، حتي ولو كان الوصف الذي قالته في ضرتها صفية - رضي الله عنها -
موجوداً بها ، موضحاً شناعتها بأنه لو تصور أن تمزج بمياه البحر وتخلط بها لتغير
طعم البحر أو ريحه لشدة نتنها وقبحها ، وهذا من أبلغ الزواجر عن الغيبة ، فأي منكر
يرتكبه المغتابون اليوم ! والسنتهم لا تكل ولا تمل ما يفعلون ، وأي بحار تمزج
كلماتهم لو مزجت بها ؟ ! وأي أطيب عيش يفسدون ! فكم فرق أولئك المغتابون بين الأحبة
، وكم فرقوا بين زوج زوجته ، أو بين طفل وأبويه ، فخربوا بيوتاً عامرة بكلمات
يشيعونها زوراً وبهتاناً ، وخصوصاً بعض النساء اللاتي يختلقن كلاماً لينلن به حاجات
في أنفسهن ، ألا يخشي أولئك وأمثالهم دعوة في ظهر الغيب ممن وقعوا أو وقعن فيه
بالباطل والبهتان ، ليرفع الله تلك الدعوة الحري فوق الغمام ، وفي هجهة الليل
والناس نيام ، فيكون استقبالها ومكانها عند الله ( هل من داع فأستجيب له ) ويكون
جوابها أيضاً : ( وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ) فتكون سبباً لمحق أولئك
المغتابين في الدنيا والآخرة . وليتذكر اولئك ما جاء من الوعيد الشديد والتهديد
الاكيد في قوله r : ( ... ومن قال في مؤمن ما ليس فيه
، أسكنه الله ردغة الخبال حني يخرج مما قال ) ( رواه ابو داود وغيره ) . والمراد
بردغة الخبال هو : عصارة أهل النار والعياذ بالله .
(3) يجب علي المسلم إذا سمع من
أحد غيبة أن ينكر علي المتكلم ، لأن سماع الغيبة محرم ، بل أن الذي يرد عن عرض أخيه
المسلم موعود بالوعد الحسن ، فقد قال رسول الله r: ( من ذب من عرض أخيه بالغيبة ، كان
حقاً علي الله أن يعتقه من النار ) ( رواه الامام احمد وغيره وصححه الالباني ) .
أ