طالبة العفو من الله مؤسسة المنتدى
عدد الرسائل : 1879 دعاء :
| |
طالبة العفو من الله مؤسسة المنتدى
عدد الرسائل : 1879 دعاء :
| موضوع: رد: أثر القدوة في إصلاح النفوس الثلاثاء 1 يناير 2008 - 4:00 | |
| الإخوة الكرام: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلاً أعلى لأصحابه الأطهار، وأسوةً حسنةً للمؤمنين الأخيار، وقدوة صالحة لأتباعه الأبرار، فقد اتسمت دعوته باتساع رقعتها، وامتداد أمدها، وعمق تأثيرها، لأنه طبق بسلوكه ما قاله بلسانه، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - على خلق عظيم، وكان خلقه القرآن، وأحبه أصحابه إلى درجة فاقت حد التصور، وأطاعوه طاعةً جاوزت حدود الخيال، قال أبو سفيان يوم كان مشركاً: "ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً ".[/size]فالسر في قوة تأثير النبي - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه أنه كان لهم أسوة حسنة، وقدوة صالحة، ومثلاً يُحتذى، قال ملك عمان وقد التقى النبيَّ العدنان:" والله لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه كان لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به، ولا ينهى عن شيء إلا كان أول تارك له، وأنه يغلب فلا يبطر، ويُغلب فلا يضجر، ويفي بالعهد، وينجز الوعد".لقد كان - صلى الله عليه وسلم - جم التواضع، وافر الأدب، يبدأ الناس بالسلام، وينصرف بكله إلى محدثه صغيراً كان أو كبيراً، ويكون آخر من يسحب يده إذا صافح، وإذا تصدق وضع الصدقة بيده في يد المسكين، وإذا جلسَ جلس حيث ينتهي به المجلس، لم يُر مادَّاً رجليه قط، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته أو حاجة صاحب أو جار، وكان يذهب إلى السوق ويحمل بضاعته ويقول: أنا أولى بحملها، وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر.وكان يرفو ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره، ويكنس داره، وكان في مهنة أهله، وكان يأكل مع الخادم، ويقضي حاجة الضعيف والبائس، و يمشي هوناً، خافض الطرف، متواصل الأحزان، دائم الفكرة، لا ينطق من غير حاجة، طويل السكوت، إذا تكلمَ تكلم بجوامع الكلم.وكان دمثاً، ليس بالجاحف ولا المهين، يعظم النعم وإن دقت، ولا يذم منها شيئاً، ولا يذم مذاقاً ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها.إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، وكان يؤلف ولا يفرق، ويقرب ولا ينفر، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس، ويُحَسِّن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، و لا يقصر عن حق ولا يجاوزه، ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو ما يسره من القول.كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخَّاب ولا فحَّاش، ولا عيَّاب ولا مزَّاح، يتغافل عما لا يشتهي.ولا يخيب فيه مؤمله، وكان لا يذم أحداً ولا يعيِّره ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يُرجى ثوابه، يضحك مما يضحك منه أصحابه، ويتعجب مما يتعجبون، ويصبر على الغريب وعلى جفوته في مسألته ومنطقه، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه.الحديث عن شمائله - صلى الله عليه وسلم - لا تتسع له المجلدات، ولا خطب في سنوات، ولكن الله - جل في علاه - لخصها بكلمات فقال: ((وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ))(القلم:4). والمثل الأعلى الذي ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - بسيرته وخلقه حمل أصحابه الكرام على أن يهتدوا بهديه، ويتبعوا سنته، ويقتفوا أثره، فهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيجعل من سلوكه ومواقفه مثلاً أعلى يُحتذى، فكان إذا أراد إنفاذ أمرٍ جمع أهله وخاصته وقال لهم:" إني أمرت الناس بكذا، ونهيتهم عن كذا، والناس كالطير إن رأوكم وقعتم وقعوا، وايمُ الله لا أوتين بواحد وقع فيما نهيت الناس عنه إلا ضاعفت له العقوبة لمكانته مني" فصارت القرابة من عمر - رضي الله عنه - مصيبة.وقد جسد هذا الخليفة الراشد - رضي الله عنه - بسلوكه قيم الحق والخير في أبهى صورها، جسدها بمواقفه وأحكامه فكان بحق بطل مبدأ مضى نحو تحقيقه من دون أن ينظر إلى الثمن.وفي خلافة سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جاءه إلى المدينة جبلة بن الأيهم آخر ملوك الغساسنة معلناً إسلامه، وقد رحب به عمر، لكن بدوياً من فزارة داس على طرف ردائه، فغضب الملك والتفت إلى هذا البدوي وضربه، وهشم أنفه، فشكاه الفزاري إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، واستدعي عمر الملك الغساني إلى مجلسه، ودار بينهما حوار صيغ على الشكل التالي:قال عمر: يا ابن أيهم جاءني هذا الصباح مشهد يبعث في النفس المرارة، بدوي من فزارة بدماءٍ تتظلم، بجراج تتكلم، مقلةٌ غارت، وأنف قد تهشم، وسألناه فألقى فادح الوزر عليك بيديك، أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح؟قال جبلة: لست ممن ينكر أو يكتم شيئاً، أنا أدبت الفتى، أدركت حقي بيدي.قال عمر: أي حق يا ابن أيهم، عند غيري يقهر المستضعف العافي ويظلم، عند غيري جبهةٌ بالإثم بالباطل تلطم، نزوات الجاهلية ورياح العنجهية قد دفناها، وأقمنا فوقها صرحاً جديداً، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً.أرضِ الفتى، لابد من إرضائه، ما زال ظفرك عالقاً بدمائه، أو يهشمن الآن أنفك، وتنال ما فعلته كفك.فقال جبلة: كيف ذاك يا أمير المؤمنين هو سوقة وأنا صاحب تاج، كيف ترضى أن يخرَّ النجم أرضاً، كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعزّ، أنا مرتدٌ إذا أكرهتني.فقال عمر: عالَم نبنيه كل صدع فيه بشبا السيف يداوى، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى.أيها الإخوة الكرام: كلكم يعلم ماذا فعل جبلة بعد موقف عمر هذا - رضي الله عنه -.لقد أدرك أعلام العلماء من السلف الصالح أثر القدوة الحسنة في تهذيب النفوس والسمو بها، وحملها على عظائم الأعمال، فوعظوا أنفسهم قبل أن يعظوا غيرهم، لذلك كان تأثيرهم في معاصريهم شديداً، وهيبتهم عند أولي الأمر عظيمة، قال الإمام الغزالي: "الوعظ زكاة الاتعاظ، ومن لا نصاب له كيف يخرج الزكاة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تركت فيكم واعظين: ناطقاً وصامتاً، فالناطق هو القرآن، والصامت هو الموت، وفيهما كفاية لكل متعظ).فقلت لنفسي ( هذا قول الإمام الغزالي ): أما أنتِ فمصدقةٌ بأن القرآن هو الواعظ الناطق، فإن الله - تعالى- يقول فيه: (( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ ))(هود:15)، فقد وعدك ( يخاطب نفسه ) الله - تعالى- بالنار على إرادة الدنيا وحبها، وكل ما لا يصحبك بعد الموت فهو من الدنيا، ولو أن طبيباً وعدك بالمرض على تناول ألذِّ الأكلات لتحاشيتها واتقيتها، أيكون الطبيب عندك أصدق من الله - تعالى-، فإن كان كذلك فما أكفرك، وإن كان المرض أشد عندك من النار فما أجهلك، ثم وعظنا بالواعظ الصامت وهو الموت، فقلت قد أخبر الواعظ الناطق عن الواعظ الصامت، حيت قال الله تعالى: (( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ))(الشعراء:205 - 207) وهكذا نجد كيف أن القدوة تفعل فعل السحر في النفوس، لأن الناس لا يتعلمون بآذانهم بل يتعلمون بعيونهم، ولغة العمل أبلغ من لغة القول، لذلك لا تستطيع أن تقنع الناس بشيء إلا إذا كنت قانعاً به، ولا تستطيع أن تحملهم على اتباعه إلا إذا سبقتهم إليه، عندئذ تكون أنت أيها الداعية قدوة حسنة.والقدوة الحسنة هي حقيقة مع البرهان عليها، فمتى يستقيم الظل والعود أعوج، فأنت أيها المسلم على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ورد في الأثر القدسيإن هذا الدين قد ارتضيته لنفسي، ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق، فأكرموه بهما ما صحبتموه).أيها الإنسان: صانك الله فلا تبتذل، وأعزك فلا تَذل، وأعلاك فلا تسفل، ونقَّاك فلا تتلطخ، هو يسر لك فلا تتعسر، وقربك فلا تتباعد، وأحبك فلا تتبغض، جد بك فلا تكسل، واستخلفك فلا تتكل، وأعتقك فلا تتعبد لغيره، وأقالك فلا تتعثر، ونسبك فلا تجحد، وجبرك فلا تنكسر، وأنبتك فلا تذوِ، وحسَّنك فلا تقبح، وحلاك فلا تسمج، وعلمك فلا تجهل، ونوه بك فلا تخمل، وقواك فلا تضعف، ولطفك فلا تكثف، وأسرك فلا تنكشف، وانتظرك فلا تتوقف، وأمنك فلا تتخوف، وقومك فلا تتقصف، وندَّاك فلا تنشف.أيها الإخوة المؤمنون: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.كل مخلوق يموت، ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت، والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر، والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر، إذا رجع العبد العاصي إلى الله سطع نور بين السماء والأرض، ونادى منادٍ مِن قِبَلِ الله - جل وعلا -: أيتها الخلائق هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله، والحمد لله رب العالمين. الخطبة الثانية:أيها الإخوة الكرام: قلت في الخطبة الأولى إن جوهر الدين أن يعرف الإنسان ربه، وإن الكون كله مظهر لأسماء الله الحسنى، وإن التفكر في مخلوقات الله باب واسع من أبواب معرفة الله، وإن الإنسـان إذا تفكر في خلق الله عرفه، وإذا عرفه عبده وعبده سعد في الدنيا والآخرة، وقد وصف الله - تعالى- المؤمنين بأنهم يتفكرون في خلق السماوات والأرض، وقد حضنا الله على التفكّر في بعض آياته، ومنها الإبل فقال: (( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ))(الغاشية:17). فلو أمعن المرء النظر إلى الجمل لرآه من أبدع المخلوقات، إنه أعجوبة في الهندسة التشريحية، فالجمل يُعدُّ وسيلة لا تُقدر بثمن في المناطق الصحراوية والتي تغطي سدس مساحة اليابسة، والتي تستعصي حتى على أقوى المركبات، وفي العالم ما يزيد عن خمسة عشر مليوناً من الجمال تزداد باستمرار، فكل ما في الجمل متقن التصميم للتكيف مع بيئته القاسية.فعينه لها أهداب كثيفة، ومزدوجة، تحجب عنها الرمال المتطايرة، وتتميز العين بقدرتها على التكبير والتقريب، فهي تريه البعيد قريباً، والصغير كبيراً، وهذا سر انقياده لطفل صغير، أو لدابة قميئة قال تعالى: (( وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ ))(يّـس:72) وفي إمكان الجمل إغلاق أذنيه ومنخريه حفظاً من الغبار، أما أخفافه الضخمة فهي تُسهِّل له الحركة على الرمال من دون أن يغرز فيها، وشفتا الجمل مطاطيتان قاسيتان، تلتهمان الأشواك الحادة، وهما فعَّالتان في تجميع الطعام والأشواك حيث لا يفقد الجمل أية رطوبة بمد لسانه إلى الخارج (( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ))(الغاشية:17).ومن أبرز مزايا الجمل قلة حاجته إلى الماء ومع أنه يمكنه أن يشرب ما يملأ حوض استحمام، لكنه يستطيع أن يستغني عن الماء كلياً عشرات الأيام بل بضعة أشهر، حيث يستطيع في الحالات الطارئة أن يأخذ ما يحتاج إليه من ماء من أنسجة جسمه، فيخسر ربع وزنه من غير أن يضعف عن الحركة.وفي السنام يخزن الجمل من الشحم ما يعادل خمس وزنه، ومنه يسحب الجمل ما يحتاج إليه من غذاء إن لم يجد طعاماً، ومتوسط عمر الجمل يزيد عن أربعين عاماً.ولا يسلس قياد الجمل إلا إذا عومل باحترام ومودة وعطف، وفي هذا عبرة لبني البشر (( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ))(الغاشية:17). عرفتك يا رب في بحث وفي فطرة فجئتك صباً طاهر القلب خاليالك في الآفاق آيات لعل أقلَّــــها نوراً بدا إليه هـــــداكفإن رأيت النبت في الصحـــراء يربو وحده فاسأله من أربـاكوإن رأيت البدر يسري ناشراً أنواره فاسأله من ذا الذي أســـراكوإن رأيت النهر بالعذب قد جــرى فاسأله من ذا الذي أجـــراكوإن رأيت البحر في الملح قد طغـى فاسأله من ذا الذي أطـــغاكوإن رأيت الليل يغشاك داجــــياً فاسأله من يا ليل حاك دجــاكوإن رأيت الصبح يسفر ضاحـــياً فاسأله من يا صبح حاك ضحاكربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ولا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، إنك أنت العفو الكريم، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.اللهم صن وجوهنا باليسار، ولا تبذلها بالإقتار، فنسترزق من دونك، ونسأل شر خلقك، ونبتلى بحمد من أعطى وذم من منع وأنت من فوقهم ولي العطاء، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء.اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك، ومن الذل إلا لك، ومن الفقر إلا إليك، و نعوذ بك من عضال الداء، ومن السلب بعد العطاء، ومن شماتة الأعداء.اللهم إنا نبرأ من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التسليم إلا لك، ومن التفويض إلا إليك، ومن التوكل إلا عليك، ومن الطلب إلا منك، ومن الرضى إلا عنك، ومن الصبر إلا على بلائك.اللهم إنا نسألك خفايا لطفك، وفواتح توفيقك، ومألوف برّك،
المصدر: المختار الإسلامي
[/size] [/center] | |
|
ام جنه إدارة المنتدى
عدد الرسائل : 3944 العمر : 43 البلد : مصر العمل/الترفيه : محفظة قرءان دعاء :
| موضوع: رد: أثر القدوة في إصلاح النفوس الأربعاء 2 يناير 2008 - 19:42 | |
| موضوع شيق يحتاج عودة لقراءته جيدا جزيتي خيرا | |
|
أم نضال ملكة جمال المنتدى
عدد الرسائل : 2259 العمر : 56 البلد : فلسطين المزاج : سعيدة دعاء :
| موضوع: رد: أثر القدوة في إصلاح النفوس الأحد 24 فبراير 2008 - 19:11 | |
| | |
|