فإذا انهدم ركن الكبر سهل عليه الانقياد ، وإذا انهدم ركن الحسد سهل عليه قبول النصح وبذله ، وإذا انهدم ركن الغضب سهل عليه العدل والتواضع ، وإذا انهدم ركن الشهوة سهل عليه الصبر والعفاف والعبادة .
وزوال الجبال عن أماكنها أيسر من زوال هذه الأربعة عمن بلي بها ، ولا سيما إذا صارت هيئات راسخه وملكات وصفات ثابتة ، فإنه لا يستقيم له معها عمل البتة ولا تزكو نفسه مع قيامها بها . وكلما اجتهد في العمل أفسدته عليه هذه الأربعة ، وكل الآفات متولدة منها . وإذا استحكمت في القلب أرتْهُ الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل ، والمعروف في صورة المنكر والمنكر في صورة المعروف ، وقربت منه الدنيا وبعدت منه الآخرة ، وإذا تأملت كفر الأمم رايته ناشئاً منها وعليها يقع العذاب ، وتكون خِفته وشدته بحسب خفتها وشدتها .
فمن فتحها علي نفسه فتح عليه أبواب الشرور كلها عاجلاً وآجلاً ، ومن أغلقها علي نفسه أغلق عنه أبواب الشرور ، فإنها تمنع الإنقياد والإخلاص والتوبة والإنابة وقبول الحق ونصيحة المسلمين والتواضع لله وخلقه .
ومنشأ هذه الأربعة مِن جهله بربه وجهلِه بنفسه ، فإنه لو عرف ربه بصفات الكمال ونعوت الجلال ، وعرف نفسه بالنقائص والآفات ، لم يتكبر ولم يغضب لها ولم يحسد أحداً علي ما آتاه الله . فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله ، فإنه يكره نعمة الله علي عبده وقد أحبها الله ، ويحب زوالها عنه والله يكره ذلك ، فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته ، ولذلك كان إبليس عدوّه حقيقة لأن ذنبه كان عن كبر وحسد .
فقلع’ هاتين الصفتين بمعرفة الله وتوحيده والرضا به وعنه والإنابة إليه . فقلع العضب بمعرفة النفس ، وأنها لا تستحق أن يغضب لها وينتقم ، فإن ذلك إيثار لها بالرضا والغضب علي خالقها وفاطرها . وأعظم ما تدفع به هذه الآفة أن يعودها أن تغضب له سبحانه وترضي له ، فكلما دخلها شيء من الغضب والرضا له خرج منها مقابله من الغضب والرضا لها ، وكذا بالعكس .
أما الشهوة فداؤها صحة العلم والمعرفة بأن إعطاءها شهواتها أعظم أسباب حرمانها إياها ومنعها منها . وحميتها أعظم أسباب اتصالها إليها ، فكلما فتحت عليها باب الشهوة كنت ساعياً في حرمانها إياها ، وكلما أغلقت عنها ذلك الباب كنت ساعياً في إيصالها إليها علي أكمل الوجوه .
فالغضب مثل السبع إذا أفلته صاحه بدأ باكله ، والشهوة مثل النار إذا أرمها صاحبها بدأت بإحراقه ، والكبر بمنزلة منازعة الملِك ملكه فإن لم يهلكك طردك عنه ، والحسد بمنزلة معاداة من هو أقدر منك ، والذي يغلب شهوته وغضبه يفْرق الشيطان من ظله ، ومن تغلبه شهوته وغضبه يفرق من خياله .
المصدر كتاب الفوائد للإبن قيم الجوزية
ام جنه إدارة المنتدى
عدد الرسائل : 3944 العمر : 43 البلد : مصر العمل/الترفيه : محفظة قرءان دعاء :
موضوع: رد: أركــــــــــــــان الكفــــــــــــر الإثنين 29 أكتوبر 2007 - 20:35
بارك الله فيكي حبيبتي داعيه الي الله جعله الله في ميزان حسناتك