هذا وقد بطلت الدعوى التي يزعم قائلوها إن الاختلاط يكسر الشهوة، ويهذب الغريزة، ويزيل هذا الجنون الجنسي، ويخفف من الكبت، ويبعد الفساد، وبطلان هذه الفرية قائم متحقق بزيارة عابرة لأي بلد من بلاد أوروبا، إن مثل هذه الزيارة تقنع من كان متردداً في تكذيب هذا الادعاء، فلقد زاد الاختلاط من توقد الشهوة وعرامها وزاد من الفساد. ومثله مثل الظمآن يشرب من ماء البحر فلا يزيده شربه إلا عطشاً على عطش ) . ( تحريم الخلوة .. والاختلاط .. ، ص 25-27) .
[/size][/size]ويقول الشيخ ( السوري ) منير الغضبان – وفقه الله - بعد أن بيّن مخاطر الاختلاط - : ( ماذا تريدون يادعاة الاختلاط؟ أما الاختلاط في الجامعات فماذا نقول عنه؟! ضرورة اجتماعية؟! ضرورة خُلقية؟! ضرورة قومية؟! ضرورة تربوية؟! هكذا يقولون!! ويقولون: إن المرأة والرجل قد بلغا من الرشد والمسئولية بحيث يترفعان عن العلاقة الجنسية بينهما، إنما زمالة درس وصداقة مرحلة ! إنهم لكاذبون!! أما لو صح قولهم بالحديث عن الرشد لأمكن أن حاجة المرأة إلى أن تتزوج انتهت مع دخول الجامعة، وهذا يكذبه الواقع لكل ذي لب، والفضائح التي تقع في الجامعات، ويندى لها الجبين أكثر من أن تحصى .. الخ كلامه ) . ( إليكِ أيتها الفتاة المسلمة ، ص 22-23 ) .
وقد عقد الدكتور ( السوري ) مصطفى السباعي – رحمه الله - فصلا في كتابه " المرأة بين الفقه والقانون " بعنوان " الاختلاط " قال فيه ( ص 186 ) : ( يتشدد الإسلام في منع اختلاط النساء بالرجال ، وقد قامت حضارته الزاهرة التي فاقت كل الحضارات ؛ في إنسانيتها ونبلها وسموها ، على الفصل بين الجنسين ، ولم يؤثّر هذا الفصل على تقدم الأمة المسلمة ، وقيامها بدورها الحضاري الخالد في التاريخ ) .
وعقد – أيضًا – الدكتور ( المصري ) محمد محمد حسين – رحمه الله – فصلا بعنوان " المجتمع المختلط " في كتابه " حصوننا مهددة من داخلها " ، بيّن فيه مضار الاختلاط على المجتمع المسلم ، وناقش دعاته من التغريبيين . فقال : ( كثر كلام الناس في هذه الأيام - في الصحف وفي دور العلم، وأقسام الفلسفة ومعاهد تخريج المدرسين والأخصائيين الاجتماعيين منها خاصة- عن الكبت الجنسي ومضاره. وشاع بين كثير ممن ينتحلون الدراسات النفسية –والفرويدية منها خاصة- أن السبيل إلى تلافي الأضرار المتولدة عن هذا الكبت هي اختلاط الذكور بالإناث وتخفف النساء من الحجاب ومن الثياب، وهو تخفف لا يعرف الداعون إليه مدىً ينتهي عنده. ولعله ينتهي إلى ما انتهى إليه الأمر في مدن العراة التي نُكِست فيها المدنية فارتدت إلى الهمجية الأولى ! ذلك هو "المجتمع المختلط" الذي يدعون إلى تعميمه في المدارس وفي الإدارات الحكومية وفي المصانع وفي الشركات وفي الأندية والمجتمعات. وقد أخذت هذه الدعوة سبيلها إلى التنفيذ في بعض هذه الميادين. والواقع أن هذا الاتجاه هو جزء من اتجاه أكبر وأعم يراد به فرنجة المرأة وحملها على أساليب الغرب في شتى شؤونها: في الزواج وفي الطلاق وفي المشاركة في العمل والإنتاج في شتى الميادين ، وفي الزي وفي المحافل والمراقص، إلى آخر ما هنالك. وهذا الاتجاه هو بدوره جزء من اتجاه أكبر يراد به سلخنا من أدب إسلامنا وتشريعه، وإلحاقنا بالغرب في التشريع والأدب...
وأخطر ما في هذه الدعوات الجديدة أن أصحابها يلجؤون إلى تدعيمها وتثبيت جذورها الغربية في أرضنا بأسانيد من الدين ، بعد أن يحرفوا الكلم عن مواضعه في نصوصه الشريفة من قرآن أو حديث أو خبر. لذلك رأيت أن أبدأ هذه الكلمة بتقديم طائفة من الآيات القرآنية تبين بشكل قاطع حكم الإسلام الصريح في هذه الأمور... ) – وبعد أن أورد بعض الأدلة على تحريم الاختلاط – قال : ( هذا هو حكم الدين لمن أراد أن يقيمه. وتلك هي حدود الله لمن أراد أن يلتزمها. وذلك هو الخير كل الخير لمن أسلم وجهه لله وآمن بالكتاب كله، لا يحكم هواه أو أهواء الذين يضلون بغير علم ممن يتبعون الظن، فيأخذ ببعض ويدع بعضاً، ولا يطلب دليلاً على ما أُمر به، ولكنه ينقاد إليه سواء ظهر له وجه الخير فيه أو خفي عنه ؛ لأن الدين يقوم على مجموعة من المسلمات يلتقي عندها الناس على اختلاف أفكارهم وأمزجتهم وبيئاتهم، فيصبحون في اتحادهم أمة واحدة، ويصبحون مع تعددهم كالفرد الواحد وكالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، ويصبحون في توادهم وتراحمهم كالجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر، وذلك هو أقصى ما يطمح إليه التفكير السياسي من التماسك والتآلف والاستقرار والاطمئنان... ) .
- ثم بدأ بالنقاش العقلي مع دعاة التغريب ممن لا تكفيهم النصوص الشرعية – فقال : ( إن إطلاق الأمر في تجاور الرجل والمرأة واختلاطهما لا يخلو من أحد أمرين: فهو إما أن يؤدي إلى إثارة الشهوة في الجنسين وزيادة حدتها، أو يؤدي إلى إضعافها وكسر حدتها. فإذا كان الاختلاط مؤدياً إلى تجاذب الذكر والأنثى على ما رُكِّب في طبيعة كل منهما ولم تكن هناك حدود لهذا الاختلاط أو نظام مرسوم تحوَّل الأمر إلى فوضى لا ضابط لها. وعند ذلك يشيع الأذى بين الناس بشيوع الأمراض التي قدر الله سبحانه أن يضرب بها الذين يقارفون الفاحشة من الزناة، ويفسد المجتمع ويضطرب نظامه ويتمزق شمل جماعته ويموج بعض الناس في بعض، بتكاثر الأحقاد والضغائن بين الآباء الذين أوذوا في بناتهم، والأزواج الذين أوذوا في نسائهم، والأولاد الذين أوذوا أمهاتهم، وبين المتنازعين والمتنازعات والمتنافسين والمتنافسات على العشيق الواحد والعشيقة الواحدة. وذلك كله مما لا خير فيه، ومما لا تسعى إليه جماعة من الناس تنشد الوحدة والطمأنينة والسلام، وتتجنب السبل التي تظن أنها لا تؤدي إليهما. وذلك هو أحد الفرضين.
أما الفرض الآخر فهو أن التجاور بين الرجال والنساء وكثرة اللقاء بينهم وبينهن أفراداً وجماعات موجب لإضعاف التجاذب بخفوت صوت الشهوة الجنسية وإضعاف حدتها أو تحويلها عن وجهها وأسلوبها، على ما يزعمه الزاعمون من بعض الباحثين في الدراسات النفسية، الداعين إلى تهذيب الغريزة الجنسية أو التنفيس عنها، ومعنى هذا أن يجد كل من الذكور والإناث لذتهم في مجرد الاستمتاع بالحديث والنظر، وأن طول التجاور والتقارب يولد في نفوسهم ونفوسهن شيئاً من الإلف لا تثور معه الرغبة في استمتاع جسد كل منهم بجسد الجنس الآخر عند رؤيته، بل مع قربه منه وملاصقته له. وذلك كله أمر معقول ومحسوس يؤيده المنطق والتجربة، لأن إلف النفس للشيء وتكرار اعتيادها إياه يُضعف أثره فيها، فالذين يطيل المكث في مكان عفن نتن يفقد الإحساس بعفنه ونتنه على مر الزمان، والذي يُدمن شم رائحة زكية يفقد الإحساس بطيبها بعد وقت قصير أو طويل.. ، فيؤدي هذا إلى " البرود الجنسي " ، وهو مرضٌ يسعى المصابون به إلى الأطباء يلتمسون عندهم البرء والشفاء من أعراضه . فكيف نجعل هذا المرض غاية من الغايات نسعى إليها ؟! وكيف يكون الحال لو تصورنا هذا الناموس – ناموس تجاذب الذكور والإناث – قد بطل أو فتر ؟ أليس يفسد الكون كله ؟ ( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن ) .. - إلى أن قال - : ( وأنا أعلم أن كثيراً من الناس لا يقع منهم الدليل موقع الإقناع إلا إذا نُسب إلى الغرب. وإلى هؤلاء أسوق بعض ما نقلته صحف لا تتهم عندهم بالرجعية عن علماء الغرب وهيئاته. – وبعد أن نقل اعتراف بعض الغربيين بمفاسد الاختلاط أجاب عن بعض المزاعم فقال - : من هذه المزاعم كذلك ما يروِّجونه من أن الأخطاء التي نشاهدها الآن من آثار الاختلاط سوف تزول كما زالت في الغرب حسب زعمهم. وواقع الأمر أن الأخطاء لم تزل في الغرب، ولكن حياء الغربيين والغربيات هو الذي زال. ونحن أناس خُلق ديننا الحياء، والحياء خير كله كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . إن الذي يدمن الحياة بين نتن الجيف وعفن الأقذار يفقد الإحساس بالنتن والعفن، ولكن هذا لا يعني أن النتن قد زال. ومن أعجب ما يلجأ إليه دعاة الاختلاط في بعض دعاياتهم أنهم يعارضون الإسلام بما جرى عليه العُرف عند بعض البائدين كالفراعنة، أو بمذاهب بعض الدراسات الاجتماعية والنفسية الحديثة. ومعارضة الإسلام بهذه أو بتلك لا تصدر إلا من جاحد بالله ورسالاته وكتبه " انتهى كلامه رحمه الله ( ص 61-77 بتصرف يسير ) .
ويقول الشيخ ( المصري ) محمد قطب – وفقه الله – في رسالته " معركة التقاليد " ( ص 113-115) ساخرًا من دعاة تغريب المرأة المسلمة الذين يعلمون أن المسلمين لن يقبلوا باختلاطهم المشين ، ولهذا سموه – تلبيسًا – " الاختلاط البريئ " ! يقول الشيخ : ( الاختلاط .. البريئ .. !
أين يوجد ؟ وماحدوده بالضبط ؟ وفي أي ركن من أركان الأرض يحصل عليه الإنسان ؟ هل هناك – في أي مكان على الأرض – اختلاط اسمه بريئ ؟ - إلى أن يقول - : ماهذا الجنون الجنسي في أمريكا ؟ والإباحية الفاضحة في أوروبا ؟ والانحلال الذي ليس بعده انحلال ؟ هل تغذى الفتيان بالاختلاط البريئ ، وشبعوا من الجنس ؛ فعفّوا عن الجريمة ؟!لقد زعمت أوروبا في القرن الفائت أنها اهتدت لهذا الاختلاط البريئ ؛ كحل لمشكلة الجنس المكبوت . ثم رأت بنفسها النتائج ! وعرفت أنه لا يظل على براءته قيد خطوات ! ومن ثَم لم يعد دعاتهم يكتبون عن الاختلاط البريئ . كانوا صرحاء مع أنفسهم . قالوا : إنهم يريدون الاختلاط ، وليكن من نتائجه بعدُ ما يكون ! ونحن مازلنا نردد الاسطوانة القديمة .. الاسطوانة التي بليت من سوء الاستعمال ! فلنكن صرحاء ، ونطلب الاختلاط في صراحة ، بكل ما يترتب عليه من نتائج ، وما ينشأ عنه من آثار ) .
- وتؤلف الأستاذة ( القطرية ) عائشة عبدالله جاسم - وفقها الله - كتابًا رائعًا تسميه ( فلنكن صرحاء يا دعاة الاختلاط ) .
- وللمزيد من الكتب : ( المرأة الكويتية إلى أين ؟ ) أحمد المزيني - ( المرأة .. ماذا بعد السقوط ) بدرية العزاز - ( محاذير الاختلاط ) حسن هويدي - ( خطر التبرج والاختلاط ) عبدالباقي رمضون - ( تحذير المسلمين من مفاسد اختلاط الرجال بالنساء ) إمام عويس - ( آفة الاختلاط ) عبدالله الأثري " التركي " - ( حكم الاسلام في الاختلاط ) جمعية الاصلاح الكويتية - ( الدعوة إلى إباحة الاختلاط أخطر بدعة تُهدد اجتماعية تُهدد المجتمع المسلم ) محمد نعيم ساعي ) . أما المقالات فتتجاوز الحصر . والله الهادي .