رابعا : لا تتخلفن عن مجالس القرآن إلا لعذر ، ومقياس هذا
العذر أنك لو وعدتى في هذا المجلس بعشرة آلاف ريال هل كنت ستتخلفى عنها؟؟!!..
البعض لو دعيت إلى عقيقة أو وليمة لبيت مسرعة ، وإذا مرت بمجلس علم وليت مدبرة!
وتقول البعض في هذه الأيام أستطيع سماع هذا المجلس من الأشرطة المسجلة !! ولكن هذه المسكينة قد حرمت نفسها من أجر عظيم وهى لا تعلم ، روى مسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : (( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله عز وجل ، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ))
خامسا : عليك بالصاحبة الذي تساعدك على ذكر الله، فإن بعض الصاحبات إذا دعوتها لتلاوة القرآن أخبرتك بأنها تريد الانصراف لأمر ما ، ولو أنك استرسلتى معها في حديث غيره ما
أخبرتك بالانصراف ، فاظفرى بالصديقة الذي تعينك على تلاوة القرآن فإنه كنز نفيس .
سادسا : إذا صليت وراء إمامه ، وكنت تحفظ الآيات التي يتلوها في الصلاة ، فقفى مستمعه لا مصححه ، فإذا التبست عليها بعض الآيات لتكن نيتك عند التصحيح إجلال كلام الله تعالى وحفظه ، وإلا كما جاء في سنن ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من تعلم العلم ليباهي به العلماء ، أويماري به السفهاء ، أو يصرف به وجوه الناس إليه ، أدخله الله جهنم ))
سابعا :اعلمى أن بداية العلم هو حفظ القرآن، وكل آية تحفيظها باب مفتوح إلى الله تعالى ، وكل آية لا تحفيظها أو أنسيتيها باب مغلق ، حال بينك وبين ربك ، واعلمى أن المسلمه لو عرض عليها ملء الأرض ذهبا لا يساوي نسيانها أقصر سورة في القرآن ، بل لا يساوي حرفا واحدا من كتاب الله تعالى ، فينبغي أن يكون حرصك على ما لا تحفظيه من القرآن أكثر من حرصك على أقصر سورة في القرآن(*) .
تنبيه : كره بعض العلماء أن يقال أصغر سورة ، حيث لا صغير في القرآن ، وإنما يقال أقصر سورة .
ثامنا : حافظى على الوضوء عند قراءة القرآن مع إحسانه، ومعنى إحسانه هنا اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء .
تاسعا : المحافظة على الاستغفار والإكثار منها، فإن نسيان القرآن من الذنوب .
قال :عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : إني لأحتسب أن الرجل ينسى العلم قد عَلِمَه بالذنب
يعمله [ جامع بيان العلم وفضله ]. وجاء في طبقات الحنفية لعلي القارى [2/487] (وكان الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى ورضي عنه : إذا أشكلت عليه مسألة قال لأصحابه : ما هذا إلا لذنب أحدثته ! وكان يستغفر، وربما قام وصلى ، فتنكشف له
المسألة . ويقول: رجوت أني تيب عليّ . فبلغ ذلك الفضيل بن عياض ، فبكى بكاء شديدا
ثم قال : ذلك لقلة ذنبه ، فأما غيره فلا ينتبه لهذا ) .
وجاء في تهذيب التهذيب
للحافظ ابن حجر في ترجمة وكيع بن الجراح الكوفي[11/129] : (وهو أحد الأئمة الأعلام الحفاظ ، وقد كان الناس يحفظون تكلفا ، ويحفظ هو طبعا ، قال علي بن خثرم : رأيت
وكيعا وما رأيت بيده كتابا قط، إنما هو يحفظ ، فسألته عن دواء الحفظ؟ فقال : ترك المعاصي ، ما جربت مثله للحفظ ) .
وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد : (الذنوب جراحات ، ورب جرح وقع في مقتل !! وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله ، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي! وإذا ق!
سا القلب قحطت العين، وقسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: الأكل
والنوم ، والكلام والمخالطة). ومن آثار المعاصي كما ذكر ابن القيم في الجواب الكافي
: ( حرمان العلم فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ، والمعصية تطفىء ذلك النور ) ،
ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته ،
وتوقد ذكائه ، وكمال فهمه ، فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا ، فلا تطفئه
بظلمة المعصية ،
وقال الشافعي :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور
ونور الله لا يُهدى لعاصي
وذكر ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى في سورة الشورى { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } عن الضحاك قال : ما نعلم أحدا حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب ثم قرأ { وما أصابكم من مصيبة ..} الآية ثم قال الضحاك : وأي مصيبة أكبرمن نسيان القرآن .
عاشرا :احذرى من الغرور بما تحفظيه من كتاب الله وتعلمى القرآن ، وليكن تعلمك للقرآن ابتغاء ما عند الله واكتساب الخشية والسكينة والوقار لا الاستكبار .
قال العلامة المناوي في فيض القدير : ( فإن العلم لا ينال إلا بالتواضع ، وإلقاء السمع ، وتواضع الطالب لشيخ رفعة، وذلُّه له عز ، وخضوعه له فخر .
وقال السليمي : ما كان إنسان يجترىء على ابن المسيب ليسأله حتى يستأذنه كما يستأذن الأمير .
وقال الشافعي : كنت أتصفح الورق بين يدي مالك برفق لئلا يسمع وقعها .
وقال الربيع -تلميذ الإمام الشافعي (والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر) انتهى
فانظرى رحمني الله وإياك في أحوال السلف وكيف كان تواضعهم في العلم وشتى أمورهم
، واحذرى ثم احذرى أن تنظرى إلى الناس بعين الاحتقار والتقليل من شأن بعضهم لأنك تحفظى القرآن وهم لا يحفظون فإنها مصيبة أيما مصيبة !!.
حادي عشر : اعلمى أختي أن حفظ القرآن نعمة عظيمة على الحافظه لكتاب الله تستحق الشكر
حيث يكون القلب عامرا فاحمدى الله أيتها الحافظه واشكريه على هذه النعمة ، قال تعالى :{ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}[إبراهيم 7 ] .
*موقع الشيخ نبيل العوضي