نماذج من قوة تأثير النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن
(تأثر بعض زعماء قريش / تأثر وفد النصارى)
لقد كان كثير من المشركين مقتنعين بأن ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حق وأنه من عند الله - تعالى -، ولقد كانوا على يقين بأن القرآن كلام الله - تعالى - وأنه ليس من كلام البشر، ولكن كان يمنع من أصرَّ منهم على الكفر من الدخول في الإسلام هواهم المنحرف، ولقد اعترف بعضهم بنداء عقولهم نحو الاعتراف بصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - كما اعترفوا بأن هوى أنفسهم قد غلبهم فأصروا على ما هم فيه من الباطل.
ومما جاء في هذا المعنى ما أخرجه محمد بن إسحاق - رحمه الله تعالى - من حديث الإمام الزهري أنه حَدَّث أن أبا سفيان بن حرب وأبا جهل والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي بالليل في بيته، فأخذ كل رجل منهم مجلسًا ليستمع فيه، وكلٌّ لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فتلاوموا، وقال بعضهم لبعض:لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئًا ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة.
ثم انصرفوا فلما كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض: لا نبرح حتى نتعاهد أن لا نعود، فتعاهدوا على ذلك، ثم تفرقوا.
فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته فقال: أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد؟ فقال: يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها، فقال الأخنس: وأنا والذي حلفت به كذلك.
قال: ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال: يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد؟
فقال: ماذا سمعت! تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الرّكَب وكنا كفَرسَي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه؟ والله لا نؤمن به أبدًا ولا نصدقه، فقام عنه الأخنس وتركه [1].
في هذا الخبر مثلٌ من قوة تأثير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن الكريم على السامعين، فهؤلاء فطاحلة الكفر يتسللون سرّا ليستمع كل واحد منهم قراءته ليلاً، مدفوعين إلى هذه المغامرة بما أُخذُوا به من جاذبية بيانه وهيئته الأخاذة وهو يتلو كتاب الله - تعالى - وبما يحتوي عليه هذا الكتاب العظيم من إعجاز في بيانه ومحتواه.
وبعد أن استمع هؤلاء النفر لقراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقعوا في صراع نفسي بين تغليب منطق العقل وتغليب منطق الهوى والعاطفة، ثم قرروا تغليب جانب الهوى والعاطفة في النهاية ([2]).
وهذا نوع من السفول في التفكير والانحطاط في درجات الإنسانية حيث ينحدر الإنسان إلى خلائق البهائم العجماوات، ويعطلُ الاستفادة من عقله الذي وهبه الله إياه في أقدس وأعظم أمر يجب أن يفكر فيه وهو مستقبله بعد الموت.
وفي هذا الخبر مثل من الاعتراف بالحق ثم الإصرار على الباطل، وهذه نهاية الصراع بين منطق الهوى ومنطق العقل، وإذا انحط الإنسان إلى هذا الدرك أصبح مختومًا على قلبه فلا يدرك غالبًا إلا ما يتلاءم مع هواه، ولهذا يصدر من مثل هذا كثير من السلوك الذي يزدريه أهل العقل السليم.
وفي هذا الخبر بيان سبب من أهم أسباب الضلال، وهو الاعتصام بالمجد الدنيوي واعتبار الجاه والمنـزلة في الدنيا هدفًا يُسعى إليه، فإذا استقر ذلك في القلب أصبح عقيدة يسعى صاحبها لتنميتها والدفاع عنها. وأصبح تفكيره محصورًا فيها مصروفًا عن سماع الحق والتفكير فيه، وبهذا يكون الجاه والمجد الدنيوي من أعظم الأوثان التي تصرف عن عبادة الله - تعالى -.
ومن أمثلة قوة تأثير النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن ما أخرجه الإمام البيهقي من حديث عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ عليه القرآن فكأنه رقَّ له.
فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال: يا عم إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالاً، قال: لم؟ قال: ليعطوكه فإنك أتيت محمدًا لتعرض لما قبلَه، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له، قال: وماذا أقول فيه فوالله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقوله شيئًا من هذا، ووالله إن لقَوْله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يُعْلَى، وإنه ليحطم ما تحته.
قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال فدعني أفكِّرْ فيه، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره، فنزلت (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (سورة المدثر آية 11) ثم ذكر طرقًا أخرى مرسلة وقال: وكل ذلك يؤكد بعضه بعضا [3].
وقد جاء في رواية مقاربة أخرجها ابن إسحاق - رحمه الله - أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش وكان ذا سِنٍّ فيهم، وقد حضر الموسم فقال: يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيًا واحدًا ولا تختلفوا فيكذِّب بعضكم بعضًا ويرد قولكم بعضه بعضًا. فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا فيه رأيًا نقول به، فقال: بل أنتم فقولوا أسمع.
فقالوا: نقول: كاهن، فقال: ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه.
فقالوا: فنقول: مجنون، فقال: ما هو بمجنون، ولقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته. قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر.
قالوا: فنقول ساحر، قال: فما هو بساحر، لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم.
قالوا: ما تقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله إن لقوله طلاوة وإن أصله لَعَذْق [4] وإن فرعه لجناة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عُرف أنه باطل، وإن أقرب القول لأن تقولوا ساحر جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك، فجعلوا يجلسون بسُبُل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره.
فأنزل الله - عز وجل - في الوليد بن المغيرة وفي ذلك من قوله
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (11)(وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً) (12)(وَبَنِينَ شُهُوداً) (13)(وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً) (14)(ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) (15)(كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً) (16)(سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) (17)(إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) (18)(فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) (19)(ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) (20)(ثُمَّ نَظَرَ) (21)(ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) (22)(ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ) (23)(فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) (24)(إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) (25)(سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) (26)(وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ) (27)(لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ) (28)(لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ) (29)(عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) (30)[سورة المدثر] ([5])
قال ابن إسحاق: وأنزل الله - عز وجل - في النفر الذين كانوا معه يصنِّفون له القول في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيما جاء به من عند الله (كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ) (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)(فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ)(عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الحجر: 90-93].
قال ابن إسحاق: فجعل أولئك النفر يقولون ذلك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن لقوا من الناس، وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانتشر ذكره في بلاد العرب كلها ([6]).
وقوله: " وإن أصله لعذق" قال السهيلي: وقول الوليد: "إن أصله لعذق وإن فرعه لجناة" استعارة من النخلة التي ثبت أصلها وقوي وطاب فرعها إذا جني، والنخلة هي العذق بفتح العين، ورواية ابن إسحاق أفصح من رواية ابن هشام لأنها استعارة تامة يشبه آخر الكلام أوله، ورواية ابن هشام: إن أصله لغَدَق، وهو الماء الكثير [7].
وما جاء في رواية البيهقي من قوله "لمغدق" لعلها لغدق كما جاء في الرواية التي حكاها ابن هشام.
وهكذا تبين لنا من هذا الخبر عظمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوته في التأثير بالقرآن على سامعيه، فالوليد ابن المغيرة كبير قريش ومن أكبر سادتهم، ومع ما يحصل عادة للكبراء من التكبر والتعاظم فإنه قد تأثر بالقرآن ورق له واعترف بعظمته ووصفه بذلك الوصف البليغ المؤثر.
وفي هذا الخبر بيان لصورة من صور المكر الذي كان يقوم به فرعون هذه الأمة أبو جهل من التنفير عن الإسلام فكان كلما رأى رجلاً من أشراف قريش قد مال إلى الإسلام ابتكر من أنواع المكر ما يستطيع به التأثير عليه لإدراكه بأن موازين القوى تتغير بانضمام عدد من الأشراف إلى الإسلام، وقد كان الوليد بن المغيرة من أكابر قريش سنًّا ومنزلة، وقد أظهر إعجابه بما سمع من القرآن ووصفه بذلك الوصف البليغ الذي صدر منه وهو في حال استجابة لنداء العقل وتحرر من نداء العاطفة، فلما دخل في تفكيره كلام أبي جهل غلب عليه نداء العاطفة ففضل البقاء على ميراث الآباء والأجداد وإن كان ضلالاً، وحجب نداء العقل السليم والتفكير المتزن.
وفي هذا الخبر بيان أثر دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البالغ على الكفار، حيث حملهم ذلك على الخروج عن مألوف العقلاء، ولاشك أن سلوك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحكيم وطهارة سمعته من أي شائبة من الرذائل بعد توجيه الله - سبحانه - إياه، حمل الكفار على اختلاق تُهَم لا أصل لها فعقدوا لذلك مجلسًا أعلى لتزوير الحقائق، ثم صاروا يفندونها لوضوح بطلانها ورثاثة نسيجها.
وقد استقر رأيهم على اتهام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسحر مع اعترافهم بِبُعْد مابين فحوى كلامه والسحر، إلا أنهم بعد إعمال الفكر وجدوا نوع تشابه بين أثر دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وما يحدثه السحر من التفريق بين الرجل وابنه وزوجه وعشيرته، فتنفسوا الصعداء مما كان يعانون منه من الضيق وانغلاق الفكر، فأجمعوا على اتهامه بالسحر وهم يعلمون أن هناك فرقًا بين أثر دعوة الحق وأثر السحر الباطل، إلا أنهم لفرط عداوتهم وإفلاس حجتهم تعلقوا من ذلك بأوهى من خيوط العنكبوت.
وهكذا أهل الباطل في كل زمن ماهرون في إلصاق التهم المزيفة بالدعاة إلى الله - تعالى -، ولكن سرعان ما ينكشف باطلهم ويبطل كيدهم لأنهم مهما عملوا لا يملكون الهيمنة على عقول الناس، فإذا قارن العقلاء بين نصاعة دعوة الحق وطهارة دعاته من الرذائل، وسمو مقاصدهم، وطموحهم دائمًا نحو المعالي من صالح الأعمال تبين لهم الصفو من الكدر، وزاد تعلقهم بدعاة الحق والتزامهم بتوجيهاتهم الحكيمة.
وفي هذا الخبر مثل من نشاط دعاة الباطل في نشر باطلهم وحمايته مع أنهم لا يرجون من ورائه إلا متاع الدنيا ومجدها الزائل، وهذا دافع لأهل الحق إلى أن يضعفوا من جهدهم في نشر حقهم والدفاع عنه، لأنهم يرجون من الله مالا يرجو أولئك الكفار.
ولئن كانت العاقبة التي يرجوها الكفار من هذه التضحية هي التمكين في الأرض فإن ذلك يحصل للمؤمنين إذا أخلصوا في دعوتهم كما وعدهم الله - تعالى -، مع ما أعده الله لهم في الآخرة من النعيم المقيم والنجاة من العذاب الأليم.
ومن أمثلة قوة تأثر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن ما كان من وفد النصارى الذين أسلموا لما سمعوا القرآن.
قال ابن إسحاق - رحمه الله تعالى -: ثم قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة عشرون رجلاً أو قريب من ذلك من النصارى حين بلغهم خبره من الحبشة، فوجدوه في المسجد، فجلسوا إليه وكلموه وسألوه، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة، فلما فرغوا من مسألة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما أرادوا، دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الله - عز وجل - وتلا عليهم القرآن، فلما سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع، ثم استجابوا له، وآمنوا به، وصدقوا وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره.
فلما قاموا عنه اعترضهم أبو جهل بن هشام في نفر من قريش، فقالوا لهم: خيَّبكم الله من ركْب! بعثكم مَنْ وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل، فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم، وصدقتموه بما قال! ما نعلم ركبًا أحمق منكم أو كما قالوا فقالوا لهم: سلام عليكم، لا نجاهلكم، لنا ما نحن عليه ولكم ما أنتم عليه، لم نأل أنفسنا خيرًا [8].
وهكذا لما كان هؤلاء النصارى قد تجردوا من الهوى المنحرف، وأقبلوا وهم يريدون معرفة الحق الذي تحدثت عنه كتب أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام ورأوا هذا الحق متمثلاً ببعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم قد تأثروا بسماع القرآن وبكوا خشوعًا لله - تعالى - وآمنوا برسوله - صلى الله عليه وسلم - وعرفوا يقينًا أنه النبي الذي بشر به أنبياؤهم عليهم الصلاة والسلام.
ولكن طغاة المشركين لم يعجبهم هذا الموقف، ولما كانوا مفلسين في مجال الحجة فإنهم لم يحاولوا إقناع أولئك النصارى بالعدول عن الإسلام ليقينهم بالفشل في ذلك، ولكنهم حاولوا إفراغ ما في نفوسهم من الحقد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى دعوته فسخروا من ذلك الوفد وانتقصوهم، ولما كان أولئك النصارى قد جمعوا بين تهذيب دينهم السابق وما وقر في نفوسهم من اليقين بدين الإسلام فإنهم لم ينزلوا إلى مستوى أولئك المتجبرين المستكبرين بل خاطبوهم بهدوء وسكينة وأشعروهم بأنهم على قناعة تامة بما آمنوا به.
-------
[1] سيرة ابن هشام 1/321، دلائل النبوة للبيهقي 2/206، البداية والنهاية 3/62، وذكره الصالحي من رواية الحافظ محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات عن الزهري عن سعيد بن المسيب وصحح إسناده، سبل الهدى والرشاد 2/352.
[2] يعني في نهاية هذه القصة، وينبغي أن يعلم أن أبا سفيان قد أسلم يوم فتح مكة.
[3] دلائل النبوة للبيهقي 2/198، وذكره الحافظ ابن كثير من رواية البيهقي البداية والنهاية 3/59. وأخرجه الحاكم من حديث ابن عباس وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه، وأقره الحافظ الذهبي المستدرك2/506.
[4] قال ابن هشام: ويقال: لغَدَق.
[5] المدثر 11 30، وقوله - تعالى -: (وحيدًا) يعني إن الله - تعالى -خلق الوليد بن المغيرة وحيدًا لا مال له ولا ولد فرزقه الله المال والولد وفي هذا تبكيت له على كفران النعمة. وقوله (صعودا) يعني عذابا شاقًا.
وقوله (فقتل كيف قدَّر) يعني قاتله الله ما أسوأ تفكيره فهو تعجب إنكاري من تقديره الفاسد.
وقوله (ثم عبس) يعني قطب وجهه (وبسر) زاد وجهه تقطيبًا وهو يستلهم فكره المعوج ليسعفه بما يفتري به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
[6] سيرة ابن هشام 1/268، وأخرجه الحافظ البيهقي من طريق ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس..وذكر مثله دلائل النبوة 2/99 200.
[7] الروض الأنف 3/79.
[8] سيرة ابن هشام 2/412 413